جبل ابراهيم … وسبب التسمية !!



 تطرقنا في تدوينة سابقة  الى سبب تسمية جبل بثرة بهذا الاسم واصل هذه التسمية وقد ذكرنا انه من مسميات الجبل الاخرى جبل ابراهيم واوردنا انه سوف يتم تخصيص موضوع عن ذلك بشكل مفصل .
——
سمي جبل بثرة بهذا الاسم نسبة الى العابد الزاهد ( ابراهيم بن ادهم ) والذي كان يتعبد في اعلى الجبل وله مكان موجود حتى اليوم من اثاره ويسمى لدى اهل الجبل بالمزار .
وهنا نورد لكم قصة ابراهيم بن ادهم رحمه الله 
إبراهيم بن أدهمكان والده من أغنى أغنياء خراسان وأحد ملوكها، ولد (إبراهيم) بمكة حينما خرج أبوه وأمه إلى الحج عام 100 هـ أو قريبًا منها، وفتح عينيه على الحياة؛ ليجد الثراء يحيط به من كل جانب؛ فعاش حياة الترف والنعيم، يأكل ما يشاء من أطيب الطعام، ويركب أحسن الجياد، ويلبس أفخم الثياب.وفي يوم من الأيام خرج راكبًا فرسه، وأخذ يبحث عن فريسة يصطادها، وكان إبراهيم يحب الصيد، وبينما هو كذلك إذ سمع نداء من خلفه يقول له: (يا إبراهيم ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت) فوقف ينظر يمينه وشماله، ويبحث عن مصدر هذا الصوت فلم ير أحدًا، فأوقف فرسه ثم قال: والله لا عصيت الله بعد يومي ذا ما عصمني ربي.
ورجع إبراهيم بن أدهم إلى أهله، فترك حياة الترف والنعيم ورحل إلى بلاد الله الواسعة ليطلب العلم، وليعيش حياة الزهد والورع والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يكن إبراهيم متواكلاً يتفرغ للعبادة والزهد فقط ويعيش عالة على غيره، بل كان يأكل من عمل يده، ويعمل أجيرًا عند أصحاب المزارع، يحصد لهم الزروع، ويقطف لهم الثمار ويطحن الغلال، ويحمل الأحمال على كتفيه، وكان نشيطًا في عمله، يحكي عنه أنه حصد في يوم من الأيام ما يحصده عشرة رجال، وفي أثناء حصاده كان ينشد قائلا: اتَّخِذِ اللَّه صاحبًا… ودَعِ النَّاسَ جانبا.
يروي بقية بن الوليد، يقول: دعاني إبراهيم بن أدهم إلى طعامه، فأتيته، فجلس ثم قال: كلوا باسم الله، فلما أكلنا، قلت لرفيقه: أخبرني عن أشد شيء مرَّ بك منذ صحبته.. قال: كنَّا صباحًا، فلم يكن عندنا ما نفطر عليه، فأصبحنا، فقلت: هل لك يا أبا إسحاق أن تأتي الرَّسْتن (بلدة بالشام كانت بين حماة وحمص) فنكري (فنؤجر) أنفسنا مع الحصَّادين؟ قال: نعم.. قال: فاكتراني رجل بدرهم، فقلت: وصاحبي؟ قال: لا حاجة لي فيه، أراه ضعيفًا.. فمازلت بالرجل حتى اكتراه بثلثي درهم، فلما انتهينا، اشتريت من أجرتي طعامي وحاجتي، وتصدقت بالباقي، ثم قربت الزاد، فبكى إبراهيم، وقال: أما نحن فاستوفينا أجورنا، فليت شعري أوفينا صاحبه حقه أم لا؟ فغضبت، فقال: أتضمن لي أنَّا وفيناه، فأخذت الطعام فتصدقت به.
وظل إبراهيم ينتقل من مكان إلى مكان، زاهدًا وعابدًا في حياته، فذهب إلى الشام وأقام في البصرة وقتًا طويلاً، حتى اشتهر بالتقوى والعبادة، في وقت كان الناس فيه لا يذكرون الله إلا قليلا، ولا يتعبدون إلا وهم كسالي، فجاءه أهل البصرة يومًا وقالوا له: يا إبراهيم.. إن الله تعالى يقول في كتابه: {ادعوني أستجب لكم** (غافر: 60) ونحن ندعو الله منذ وقت طويل فلا يستجيب لنا؟

! فقال لهم إبراهيم بن أدهم: يا أهل البصرة، ماتت قلوبكم في عشرة أشياء:

أولها: عرفتم الله، ولم تؤدوا حقه .
الثاني: قرأتم كتاب الله، ولم تعملوا به .
الثالث: ادعيتم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركتم سنته.
الرابع: ادعيتم عداوة الشيطان، ووافقتموه .
الخامس: قلتم : نحب الجنة، ولم تعملوا لها .
السادس: قلتم : نخاف النار، ورهنتم أنفسكم بها
السابع: قلتم: إن الموت حق، ولم تستعدوا له .
الثامن: اشتغلتم بعيوب إخوانكم، ونبذتم عيوبكم.
التاسع: أكلتم نعمة ربكم، ولم تشكروها .
العاشر: دفنتم موتاكم، ولم تعتبروا بها .

وكان إبراهيم كريمًا جوادًا، فالعسل والسمن غالبًا ما يكونان على مائدته يطعم من يأتيه، سمعه أحد أصحابه ذات مرة وهو يقول: (ذهب السخاء والكرم والجود والمواساة، من لم يواس الناس بماله وطعامه وشرابه فليواسهم ببسط الوجه والخلق الحسن.. إياكم أن تكون أموالكم سببًا في أن تتكبروا على فقرائكم، أو سببًا في أن لا تميلوا إلى ضعفائكم، وألا تبسطوا إلى مساكينكم).

وكان إبراهيم بن أدهم شديد التواضع، لا يحب الكبر، كان يقول: (إياكم والكبر والإعجاب بالأعمال، انظروا إلى من دونكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، من ذلل نفسه؛ رفعه مولاه، ومن خضع له أعزه،ومن اتقاه وقاه، ومن أطاعه أنجاه) ودخل إبراهيم بن أدهم المعركة مع الشيطان ومع نفسه مصممًا على الانتصار، وسهر الليالي متعبدا ضارعًا باكيًا إلى الله يرجو مغفرته ورحمته، وكان مستجاب الدعاء.
ذات يوم كان في سفينة مع أصحابه، فهاجت الرياح، واضطربت السفينة، فبكوا، فقال إبراهيم : يا حي حين لا حي، ويا حي قبل كل حي، ويا حي بعد كل حي، يا حي، يا قيوم، يا محسن يا مُجْمل قد أريتنا قدرتك، فأرنا عفوك.. وبدأت السفينة تهدأ، وظل إبراهيم يدعو ربه ويكثر من الدعاء.


وكان إبراهيم راضيًا بحالة الزهد القاسية، وظل يكثر من الصوم والصلاة ويعطف على الفقراء والمساكين إلى أن مات رحمه الله سنة 162 هـ ويقال انه اعتكف في رأس الجبل ولذلك سمي جبل ابراهيم.

عن jabal

شاهد أيضاً

جبل إبراهيم ثروة بانتظار الاستثمار

أن جبل إبراهيم يرتفع 7000 قدم عن سطح البحر، وفيه الكثير من القرى الأثرية أشهرها "قرية ود" و"قرية أصفه"، ويوجد به الكثير من النقوش والأشجار المعمرة والحصون، ويتميز بطقسه المعتدل أغلب فترات العام، مضيفاً أن الجبل توجد به الحيوانات المفترسة مثل: الذئب والضبع والوشق، وكذلك النمر والحيوانات البرية الوبر والقهابية والحجل والصقور ومواقع تسمى مربى الصقور، وكذلك توجد به أماكن مميزة للفعاليات السياحية وفعاليات الهايكنغ، مبيناً أنه سمي الجبل بعدة أسماء مثل "جبل بثرة"؛ لكثرة التلال، وكذلك إبراهيم نسبةً لإبراهيم الخليل عليه السلام، كما ورد في الكثير من كتب التاريخ، ويوجد بالجبل نقوش عمرها أكثر من 7000 عام حسب ما أدلى به أحد علماء الآثار بجامعة الباحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *