جبل إبراهيم ثروة بانتظار الاستثمار

يتطلع أهالي بني مالك إلى لفتة كريمة لاعتماد “جبل إبراهيم” الشهير أو ما يسمى بـ”الجبل الأبيض” كوجهة سياحية، وإقامة بعض الفعاليات به، وطرحه كفرصة واعدة للاستثمار؛ لما حباه الله من طبيعة خلابة وغطاء نباتي متفرد.

جبل إبراهيم ثروة بانتظار الاستثمار

وقال خالد علي الحميدي -باحث في تاريخ الطائف-: “إن المطّلع على تاريخ المناطق الجنوبية للطائف يفاجئه الكنز الكبير من المعلومات التاريخية والإرث التليد المخبوء في تلك المناطق، وما ذلك إلاّ لعراقة تلك البقاع الموغلة في القدم. وهي سجل تاريخي عميق ليس فقط محلياً، بل يفصح عن حضارة إنسان الجزيرة العربية قاطبة من شمالها إلى جنوبها، ولعل جبل إبراهيم أو ما يُطلق عليه جبل “بثرة” شاهد على ذلك، كيف لا وهو الجبل الذي نطقت أمهات الكتب التاريخية -والتي نقلت لنا ملمحاً عن موروث تلك المنطقة- بعراقة ذلك الجبل، حيث جاء ذكر الجبل عند ابن شهاب الزهري القرشي -المتوفى في رمضان 123 أو 124هـ- وهو من أوائل المؤرخين العرب، أن الحنفاء كانوا يعتكفون عند جبل إبراهيم ليقينهم أنه مكان شهد مولد النبي إبراهيم عليه السلام، مضيفاً أن سبب تسميته بجبل “بثرة” نظراً للونه الأبيض المتفرد بين جبال المنطقة، كأنه بثرة أو شامة حسنة على جبين تضاريس المنطقة، مشيراً إلى أنه كانت المناطق حول الجبل فيما يُذكر قديماً من مساكن قبيلة إياد من العرب البائدة، وهذا ما تطرق له قس بن ساعدة الإيادي بقوله:

إلى جبلِ إبراهيم شاقَتْ جَوارِحي أتوقُ لداري بُكرةً وأصيلًا

إذا الناسُ مدُّوا للفعالِ أكفَّهمْ بَذَختَ ولم يَنقصْ سَخاكَ فَتيلًا

إذا جئتُمُ ذاكَ الصَّعيدَ تَيَمَّمُوا من المسكِ يَجري في هواهُ عَليلا

جبل إبراهيم ثروة بانتظار الاستثمار

نقوش وحصون

وأوضح مرشد الهايكنغ محمد مفرج -أحد سكان الجبل- أن جبل إبراهيم يرتفع 7000 قدم عن سطح البحر، وفيه الكثير من القرى الأثرية أشهرها “قرية ود” و”قرية أصفه”، ويوجد به الكثير من النقوش والأشجار المعمرة والحصون، ويتميز بطقسه المعتدل أغلب فترات العام، مضيفاً أن الجبل توجد به الحيوانات المفترسة مثل: الذئب والضبع والوشق، وكذلك النمر والحيوانات البرية الوبر والقهابية والحجل والصقور ومواقع تسمى مربى الصقور، وكذلك توجد به أماكن مميزة للفعاليات السياحية وفعاليات الهايكنغ، مبيناً أنه سمي الجبل بعدة أسماء مثل “جبل بثرة”؛ لكثرة التلال، وكذلك إبراهيم نسبةً لإبراهيم الخليل عليه السلام، كما ورد في الكثير من كتب التاريخ، ويوجد بالجبل نقوش عمرها أكثر من 7000 عام حسب ما أدلى به أحد علماء الآثار بجامعة الباحة.

منظر جميل

وذكر ساعد بن عبدالله بن ساعد المالكي أن جبل إبراهيم من ضمن سلسلة جبال الحجاز غرب المملكة العربية السعودية جنوب مدينة الطائف، ويتميز عن غيره من الجبال المجاورة بلونه وارتفاعه الشاهق فوق سطح البحر، كما يمتاز بمنظره الجميل، ويعد إحدى الوجهات السياحية في تلك المنطقة، حيث مسار الخط السياحي الذي يربط ما بين محافظة الطائف ومنطقة الباحة، مبيناً أن الجبل غني بالآثار والرسومات الصخرية، وهناك أسرار كثيرة لم تكتشف، لافتاً إلى أنه يوجد الكثير من الحيوانات مثل: الذئب والجعري والنمر والفهد والوشق والثعالب والسناجيب والوبارة وغيرها من الحيوانات، وكذلك أنواع من الثعابين والحناشة ومنها الأسود الخطيرة السمية، ومن الطيور النادرة المعروفة كالحجل والقهابا أو اليعاقيب والنسور والصقور الوكري والشيهان وغيرها، موضحاً أنه يشتهر الجبل بأنواع من الزراعة مثل: الحنطة والشعير والبر والذرة وتعد من أجود الأنواع، وكذلك تشتهر المزارع على سفح الجبل والأودية المحيطة بأنواع الفواكه والثمار مثل: العنب والرمان والخوخ والمشمش والبخارة والتين والتفاح البلدي واللوز البجلي، وهو غني بالمياه وفيه آبار وعيون على سفح الجبل.

وأضاف أنه يعمل أهل القرى المجاورة للجبل بالزراعة ورعي المواشي والتجارة، مؤكداً أن الجبل غني بأنواع من الأشجار كالعرعر الذي يمتاز بكثرته ويؤخذ منها أنواع من الأخشاب للصناعة وللمنازل، ويروى أنها كانت تصدر إلى جميع مناطق المملكة ومنها الطائف ومكة وجدة وسوق الرومي بالباحة، وإلى مصر لجودتها.

طرق جِمال

ونوّه المالكي أن الأودية التي بجبل إبراهيم هي وادي كيد الخلا الذي ينحدر منه سيل بثرة الجهة الشمالية، ووادي المجاز الذي ينحدر غرباً، ووادي قملان وبلاساء الذي ينحدر غرباً أيضاً، مضيفاً أن من الآثار بالجبل طرق الجمال التي رصفوها من الحجر والخشب، كما يوجد جدار يكاد يكون سور الصين قياساً بالإمكانات في ذلك الوقت، كما يوجد شجرة تسمى بالنبع يؤخذ منها سواك طيب الرائحة والمذاق، كما يشتهر الجبل بأنواع من العسل بمختلف الأنواع وكذلك عسل الضرمة الفاخر والعسل الصيفي وعسل الطلح، ذاكراً أن بالجبل بيوت ومساكن في داخل الغيران والكهوف وتحت الصخور ويبنى عليها جدران من حولها، مشيراً إلى أن الجبل الشامخ عرف أو اشتهر بإقامة فعالية الهايكنغ الأول لمحافظة ميسان ومركز القريع، وصعد إليه عدد من هواة المسير الجبلي والمصورين والإعلاميين برفقة محافظ محافظة ميسان السابق عبدالله بن حسن الفيفي، وشارك عدد من هواة المشي وتسلق الجبال من جميع مناطق المملكة، واستمتع الجميع بهذه الزيارة، وما وجدوه من كرم وحسن استقبال من أهل القرية.

بحث ومؤرخون

وأوضح المالكي أن تاريخ الجبل يحتاج لعدد من البحوث والمؤرخين لاكتشاف أسراره، وكذلك توثيق النقوش المرسومة على الصخور، والتي تعود إلى حقبة تاريخية من آلاف السنين وتسجيل تاريخها، واكتشاف خبايا وعلم لم يسبق الكتابة عنه، بل وتسجيل ما يكتشف في المؤسسات العلمية والمنظمات المهتمة بالآثار حول العالم، جازماً أن أي باحث في التاريخ سيجد عجائب وأسرار لم يسبق لأحد، حيث يوجد بعض المنحوتات، وكذلك يوجد بعض التحف الأثرية وأدوات زراعة قديمة كانت تستخدم حتى عهد قريب، ولا يزال هذا الجبل يحتوي على أسرار عظيمة، حيث يوجد عدد من الكهوف كمقابر التي يوجد بها رفاة لبني آدم، ويوجد بهذا الجبل عيون ومناهل لا ينقطع منها الماء على مدار السنين، فسبحان من خلق وهو اللطيف الخبير.

المصدر

عن jabal

شاهد أيضاً

جبل بثرة «الجبل الأبيض».. أيقونة الجمال الطبيعي على قمة «سراة بجيلة»

علي بن نمران – ميسان – صحيفة المدينة على حافة جرف جبال السروات، بين الطائف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *